دكّان-"نحن نملك فقط ما نمنحه"

دكّان-"نحن نملك فقط ما نمنحه"

العطاء المجتمعي

دكّان-مبادرة مجتمعية لبيع الأغراض المستعملة

http://dalia.ps/sites/default/files/migratedfiles/images/sep16-1.png

افتتحت مؤسسة دالية المجتمعية في مساء يوم السادس عشر من آب، محل "دكّان"؛ لبيع أغراض مستعملة بحالة جيدة، وهي مبادرة تم تحقيقها بمساعدة عدد من المتطوعين الذين يؤمنون بفكرة المبادرة، بحضور جمهور غفير من مختلف الفئات. تتلخص فكرة دكّان في إتاحة الفرصة لجميع أفراد المجتمع لشراء أغراض مستعملة بحالة جيدة بأسعار زهيدة.

كما أن المبادرة تمكن شعبنا من إعادة استخدام هذه الأغراض المختلفة، بدل من التخلص منها في مكبات فلسطين وزيادة التلوث. وكذلك توفر مصدر دخل إضافي لدالية، مما سيزيد من عدد المنح المقدمة بقيادة المجتمع، ويتيح الفرصة لجميع أفراد المجتمع الفلسطيني بالاستفادة من هذه المنح، وبالتالي سيقلل ذلك من اعتماد مجتمعنا على الدعم الخارجي المشروط.

 

أدناه مقالة أحلام سمارة-مديرة مكتب، عن دكّان

الصور بعدسة رشا صنصور.
الصور بعدسة رشا صنصور.

"دكّان"

في مساء يوم السادس عشر من آب، 2016، افتتحت مؤسسة دالية المُجتمعية في مدينة رام الله، "دكّان". دكّان بِشعاره الذي حَملَ غُصنُ داليةٍ من العنبْ، تلك الدالية التي تمنحُكُ عناقيدها، عند اعتنائك بها، فَتُعرِشُ بظلالها على الجميع.

أذكر يومها كيف كان المكان يَعبقْ برائحة العنب جديد النُضج، وأصوات الزائرين هناك تَشدك إلى كل ركن فيه، إلى الأغراض التي مَنحها فلسطينيون من كافة الفئات، بعضها مُستخدمة في حالة جيدة، وأخرى جديدة، فترى كتب بعناوين ومواضيع متنوعة، أواني وحُلي عديدة. شَدني يومها جونة مُزركشة بقش مُلون بألوان خريفية، وصنية منسوجة من قش القمح، فما زالت العديد من النساء حتى وقتنا هذا تستخدمها لتزيين المنزل، أو لوضع الطعام.

كان هناك أيضاً أدوات كهربائية، ألعاب للأطفال، ملبوسات وإكسسوارات، وأمور أخرى تُباع بأسعار زهيدة، ليستفيد منها آخرون، والجميل أن عائد الدخل هو للمجتمع نفسه، من خلال برامج تُنفذها مؤسسة دالية مع المجتمع.

فكرة دكّان ليست مُنتشرة في فلسطين في هذا الوقت، لكنها تجسد نظام العونة القديم، نظام الإستثمار في الموارد الغنية التي يَملكها المجتمع الفلسطيني، فيتبادلونها معاً أو يتشاركون بها، وهو نظام بدأ يندثر بعد سنوات من المساعدات التي جاءت للشعب الفلسطيني، خاصة المساعدات المشروطة التي لا تتلائم وأولويات المجتمع، أو حتى تتوافق مع التركيبة الإجتماعية والثقافية فيه، مما أدى إلى تقويض التنمية، إلى جانب زيادة الإعتمادية على الدول المانحة.

قبل افتتاح دكّان بأيام، شاركتُ المتطوعين الذين تكاتفت سواعدهم وخبراتهم وشغفهم في تصميم الرفوف وترتيب المكان. جزء كبير من المتطوعين يُعد الآن من الجيل الرابع للنكبة الفلسطينية، إلا أنهم يحملون ذاكرة وهوية الجيل الأول، فبين الحنين للماضي المسلوب، والواقع الحالي المفروض، تلمس فيهم حب للعطاء يَعيش فيهم، وكأنه مولود معهم، لأنهم أرادو أن يعيشوا حياتهم، وليس حياة أُريدت لهم كي يعيشوها.

ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها المجتمع الفلسطيني هو المانح، المجتمع الذي تتابعت عليه الإحتلالات بأشكال متنوعة وبلاعبين مُختلفين. مجتمع لم ينفكْ عن الحلم بالأرض التي سُلبت، وسُلب معها الحق في الحياة. مجتمع يَعرف أن للأرض حُلْمَها أيضاً، فبات بتحدي لكل الظلم والقهر الذي يُمارس عليه.

مع إستضافه مركز خليل السكاكيني الثقافي للدكّان حتى نهاية شهر آب من نفس العام، تكون تَكلفة افتتاح الدكّان عالية نسبياً، ليس برأس المال الذي لم يتعدى عشرات الشواقل، بل بالعطاء والخبرات والأدوات التي منحها أبناء البلد، الذين من حقهم أن يكونوا شركاء في أي عملية تنموية تتعلق بهم، لا أن تُفرض عليهم.

لقد أحببت دكّان لكثرة الحب الذي وجدته فيه، فنحن "نملكْ فقط ما نمنحه."

للمزيد من الصور تفقدوا ألبومنا على صفحتنا في الفيسبوك عبر هذا الرابط

 

خبرات من عالم العطاء المجتمعي العربي

مقابلة مع الدكتور عطا الله كتّاب-مؤسس شركة ساند الاستشارية

الدكتور عطا الله كتّاب
مصدر الصورة: http://www.alliancemagazine.org/

هل من الممكن أن تعرف عن نفسك وتقدم لنا خلفية بسيطة عن عملك؟

أنا الدكتور عطا الله كتّاب، أحمل شهادة دكتوراه في الهندسة المدنية، أدير حالياً شركة استشارية باسم ساندSAANED، نقوم فيها بتجميع المعلومات عن العطاء المجتمعي في الدول العربية، حيث نرشد الأفراد والمجموعات المقتدرين والمهتمين بهذا العطاء عن استخدامه بطرق فعّالة، ومساعدتهم في تأسيس هيكليات داخلية هادفة للعطاء المجتمعي. كما أنني أحد مؤسسي الصندوق العربي لحقوق الإنسان، والذي من خلاله يتم تحقيق كافة حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

ما الذي جذبك من عالم الهندسة المدنية إلى عالم العطاء؟

في الثمانينات كنت كمهندس مدني في جامعة بيرزيت أرشد المؤسسات المختلفة التي تعمل من أجل حقوق الإنسان مثل اليونيسف UNICEF، مؤسسة إنقاذ الطفلSave the Children، وأوكسفام Oxfam. كانت تلك الفترة مشهورة "بعقد المياه"، حيث كانت تعمل الأمم المتحدة في مجال مياه الصرف الصحي، وقمت في تلك الفترة ببناء المنشآت المائية لعلاج المياه العادمة.

خلال عملي في هذا المجال، وما يمكن تسميته بنقطة التحول إلى العمل المجتمعي، كانت في اللحظة التي قمت بتقييم أحد مشاريع المؤسسات بقيمة 50 مليون دولار في إحدى الدول العربية. اكتشفت أنه رغم تطبيق الجانب الهندسي للمشروع كان ممتازا من ناحية علاج المياه العادمة، إلّا أن المجتمع المحلي لم يستعمل مياه الشرب بتاتاً! حيث كان هذا الاستثمار عديم الفائدة! وهذا ما تعلمته: أن العامل المجتمعي أهم بكثير من الناحية الهندسية، لأن المهندسين لم يستشيروا المجتمع المحلي عن أولوياتهم وما يحتاجونه، ولم يستمعوا لهم، وبالتالي أدت إلى فشل المشاريع التي قيمتها، وهذا ما جعلني أتعرف على الناحية الاجتماعية للهندسة.

وبعد ذلك انتقلت تدريجيا إلى هذا المجال وبدأت بالتركيز في عملي في مجال المؤسسات الأهلية. ومن خلال عملي في مؤسسة التعاون المانحة وغير الربحية، تعمّق مفهومي للمؤسسات الداعمة، والتي تعمل خارج إطار المؤسسات الأهلية. ومن تلك الخبرة تعلمت أن أي شخص ما يريد تأسيس مؤسسة داعمة للمجتمع في العالم العربي، سيواجه صعوبات، لأنه لا يوجد مؤسسات خاصة ترشده في وضع إطارات هيكلية لتنظيم مثل هذه المؤسسات الداعمة والمساندة للمجتمع. فيذهب معظم هؤلاء الأشخاص إلى أوروبا لسعي الاستشارات، وفي أغلب الأوقات، تكون هذه الاستشارات غير ملائمة للمجتمع في العالم العربي.

وبالتالي أنشئت ساند في عام 2011 لملىء ثغرة في البنية التحتية للعطاء المجتمعي المؤسسي في العالم العربي.

كيف يمكن تقوية العطاء المجتمعي في العالم العربي؟ مع العلم أن أغلب العطاءات في المجتمع العربي عبارة عن عطاءات فردية خيرية؟

 أرى أن التبرع بأشكاله المختلفة شيء إيجابي في حد ذاته، فالدعم الذي يقدمه الفرد مفيد، لكن الدعم الذي يقدمه المجتمع أكثر فائدة، لأن الدعم الفردي والتبرعات الفردية لا تؤدي إلى استدامة في التنمية.

لأنها في أغلب الأحيان تدعم أهداف المانحين الفرديين، دون استشارة لرغبات المستفيدين من المنح، وبالتالي سيرجع هؤلاء المستفيدون بطلب الدعم مرة أخرى. أما الدعم المجتمعي فهو يخلق استدامة في التنمية، فعندما ندعم المجتمع في أولوياته لمرة واحدة سيشعرون بالاستقلال وسيسعون إلى دعم أنفسهم بأنفسهم ومساعدة غيرهم من المجتمعات باتباع نفس الطريقة، وسيصبحون روّاد في تنمية أنفسهم، بحيث يصبحون هم مانحون أيضاً لمجتمعهم باستخدام مواردهم المحلية.

بكلمات أخرى، الدعم الفردي يشبه الجزء الأول من المثل المشهور "لا تعطيني سمكة بل علمني أن أصطاد"، والدعم المجتمعي الجزء الآخر من هذا المثل.

يجب ألا ننسى الأفراد الذين يحبون فعل الخير، لكن يمكنهم فعله بطرق استراتيجية وفعّالة أكثر، وهنا يأتي دور المؤسسات المجتمعية المانحة والتي تعتمد على العطاء المجتمعي باستقطابهم. فعندما توجههم تلك المؤسسات وتشاركهم في العطاء المجتمعي فإنهم سيرون نتائج مستدامة وفعّالة أكثر للمنح التي يقدمونها.

 

البرامج المجتمعية

برنامج ابدأ-المرحلة الثانية


بدأت دالية هذا العام برنامج ابدأ الشبابي ويتلخص في مشروع تنمية الاقتصاد المحلي الشبابي، ويُنفذ في ستة تجمعات في الضفة ضمن مناطق رام الله، ضواحي القدس، والغور. ومشروع الطلاب مع المدرسة الأرثوذكسية-بيثاني في العيزرية مع طالبات المرحلة الثانوية.

في مشروع تنمية الاقتصاد المحلي الشبابي، بدأت المرحلة الثانية والتي تتمحور حول إعطاء ورشات تدريبية، وإعداد الشباب لتقديم أفكار ومشاريع تركز على التنمية المجتمعية باستخدام المصادر المحلية، مع مراعاة الظروف البيئية في المناطق المختارة.

في نهاية هذه المرحلة، سيقوم الشباب في البلدات المختارة، بالتصويت وانتخاب المشاريع التي تراعي أولوياتهم واحتياجاتهم. المشاريع المختارة ستعود بالفائدة الاقتصادية على المجموعة المنتخبة والمجتمع. وفي المرحلة القادمة والتي ستكون في شهر تشرين الأول من العام الحالي سيتم تنفيذ هذه المشاريع.

وفي مشروع الطلاب مع المدرسة الأرثوذكسية-بيثاني في العيزرية، بدأت المرحلة الأولى والتي تتلخص في إيجاد فكرة مبادرة لحل قضية مجتمعية في المنطقة من قبل مجموعة من طالبات المرحلة الثانوية وذلك عن طريق استخدام الموارد المحلية أيضا، مما يؤدي إلى تعزيز قيم ومهارات وقدرات الطالبات الذاتية وتمتين حس المسؤولية المجتمعية ودورهم الفعّال كمواطنات في المجتمع.
 

 

القرية "حقاً" من تقرر-اجتماع في بلدة تقوع

دخلوا من باب القاعة، التفت رؤوسهم يميناً شمالاً، ركزوا بعيونهم على فراغات بين جمهور جالس، ارتفعت حواجبهم عندما وجدوا كراسٍ فارغة، اتجهوا نحوها، جلسوا فيها. أتى شاب بورقة وسلمهم إياها مع قلم حبر بلاستيكي أزرق اللون، أخذ أحدهم الورقة، مضى اسمه ومن ثم أعطاها للرجل على يمينه، والذي بدوره أعطاها للمرأة على يمينه، ثم أعادتها المرأة إلى الشاب. مشى الشاب في الفراغ بين صفوف الكراسي، واتجه نحو مقدمة القاعة. وسلم الورقة إلى منسقة البرامج المجتمعية في مؤسسة دالية، لينا إسماعيل. تأخذها، تلقي نظرة سريعة عليها، وتضعها على طاولة صغيرة بقربها. بدأ مدير بلدية تقوع، تيسير أبو مفرح، بالتعريف بهدف اللقاء اليوم في الرابع من شهر آب.

ثم سلم الميكروفون إلى عايشة منصور، المديرة التنفيذية لمؤسسة دالية المجتمعية، والتي تقوم بدورها بالتعريف بالمؤسسة، وردت على سؤال أحد الحاضرين “ماهي طبيعة المشاريع التي تمولوها"؟  "نحن لا نعلم ذلك، نحن لا نقرر ما هي أولوياتكم، أنتم سكان البلد، أنتم تعرفون أولوياتكم واحتياجاتكم، القرار بأيديكم وليس بأيدينا، نحن هنا فقط لمساعدتكم بأولوياتكم".

تسود لحظة صمت بين الجمهور، بعضهم يفكرون بالذي قيل، ثم يهزون رؤوسهم بالموافقة، كأنهم يقولون "نعم، نحن من نقرر، نحن سكان تقوع، نحن نعرف ما هي أولوياتنا، لا نحتاج إلى أشخاص آخرون ليقرروا عنا، لذلك سنصوت اليوم للمؤسسات والمبادرات المحلية والتي نؤمن بأنها ستقوم بأنشطة ومشاريع تفيد البلد".

وبعد هذا الصمت والفهم العميق لفلسفة مؤسسة دالية المجتمعية، تقدمت كل من المؤسسات الأهلية المتواجدة بتعريف أنفسهم وبالأنشطة التي يقومون بها للجمهور الحاضر، كي يحصلوا على أغلبية الأصوات من أجل تنفيذ أولويات البلد. بعد استراحة صغيرة، عاد الحاضرون إلى القاعة بحماس، وبدأ التصويت على أوراق صغيرة كُتب عليها أسماء المؤسسات والمبادرات التي يؤمنون بأنها ستُحدث فرقاً إيجابياً في البلد لدعم أولوياتهم.

وبعد ذلك ساد الصمت التام وكان المصوتون ينتظرون بشوق أثناء فرز النتائج، فكل مرة تكتب لينا رقم إضافي على لوحة تحتوي أسماء المؤسسات المُصوت لها، يحبس الحاضرون أنفاسهم، وبعضهم يبتسمون ابتسامات عريضة.  في النهاية حصلت مجموعة شباب تقوع الرياديين ومجموعة الغد لمناصرة ذوي الاعاقة على أعلى الأصوات. صفق الجميع لهم، وسلموا عليهم بفرح وبحماس.

وأنهت لينا اللقاء بتحديد موعد لقاء آخر لعرض أفكار مشاريع المجموعات المختارة ووضع خطط لتنفيذها.

في المرحلة القادمة في شهر أيلول ستقوم مجموعة الشباب الرياديين ومجموعة الغد لمناصرة ذوي الإعاقة بالبدء بتنفيذ المشاريع، تحت إشراف لجنة المتابعة والمراقبة المرشحة من قبل أهل البلدة، حيث ستقوم دالية بتقديم خبرات التوجيه والإرشاد للمجموعتين في مرحلة التنفيذ.
 

 

ربط وتشبيك

سعد داغر-محاضرة عن كوبا كنموذج اكتفاء ذاتي


قدّم المهندس البيئي سعد داغر محاضرة عن زيارته الحديثة لمزارع كوبا في مقر مؤسسة دالية، وذلك في الثالث من تموز، وحضر اللقاء أكثر من 30 شخصا في مكتب دالية الصغير. جاء سعد بأمثلة فعّالة في الزراعة البيئية التي تأخذ في الحسبان إعادة استخدام الموارد المحلية لأكثر من مرة، مثل عملية انتاج السماد الطبيعي من بقايا الأعشاب والمواد العضوية، والمكافحة الطبيعية للآفات وغيرها من الأمثلة. ومن الجدير بالذكر أن كوبا نموذج رائع وفعّال في استخدام الموارد الموجودة في البلد، وفي الاكتفاء الذاتي، وبناء اقتصاد مقاوم وذلك على إثر الثورة الكوبية والحظر الدبلوماسي والتجاري الشامل الذي فرض عليها في الستينيات.

 

تنمية القدرات

مشاركة في ورشة تدريبية


شاركت موظفة الاتصالات وكتابة التقارير، رشا صنصور، في ورشة مع CEWAS حول الكفاءة العملية في الإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي لمدة ثلاثة أيام في شهر تموز في مدينة بيت لحم. وشارك في الورشة مجموعة من الشباب والشابات المهتمين في إحداث فرق إيجابي بيئي في فلسطين. وركزت الورشة على القيام بنماذج عمل ريادية يمكن تطبيقها في فلسطين. وفي نهاية الورشة تم عرض الأفكار النهائية على مجموعة حكام، وحصلت فيها رشا على جائزة فخرية، حيث فازت بجائزة لحضور الورشة القادمة مجانا والتي تركز على تطبيق نماذج العمل المختارة.